قال فضيلة الشيخ العلامة الإمام الحافظ المجاهد شمس الدين بن القيم الجوزية رحمه الله تعالى وغفر له ونفع بعلمه الإسلام والمسلمين :
وللمعاصي من الآثار القبيحة المذمومة المضرة بالقلب والبدن في الدنيا والآخرة، ما لا يعلمه إلا الله :
1 . حرمان العلم ، فإن العلم نور يقذفه الله في القلب ، والمعصية تطفئ ذلك النور .
2 . حرمان الرزق ، وفي المسند [ إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ] .
3 . وحشة يجدها العاصي في قلبه لا يوازنها ولا يقارنها لذة أصلا ، لو اجتمعت له لذات الدنيا بأسرها لم تفِ بتلك الوحشة ، وهذا أمر لا يحس به إلا من في قلبه حياة ، وما لجرُحٍ, بميتٍ, إيلامُ .
4 . الوحشة التي تحصل بينه وبين الناس لا سيما أهل الخير منهم ، فتقع بينه وبين امرأته وولده وأقاربه ، وبينه وبين نفسه ، فتراه مستوحشا من نفسه ، وقال بعض السلف : إني لأعصي الله فأرى ذلك في خلق دابتي وامرأتي .
5 . تعسير أموره .
6 . ظلمة يجدها في قلبه ، حقيقة يحس بها كما يحس بظلمة الليل البهيم .
7 . أن المعاصي توهن القلب والبدن .
8 . حرمان الطاعة .
9 . أن المعاصي تقصّر العمر وتمحق بركته .
10 . أن المعاصي تزرع أمثالها ويولد بعضها بعضا ، حتى يعز على العبد مفارقتها والخروج منها ، كما قال بعض السلف : إن من عقوبة السيئة السيئة بعدها ، وإن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها .
11 . أنها تضعف القلب عن إرادته ، وهو من أخوفها على العبد ، فتقوى إرادة المعصية وتضعُف إرادة التوبة شيئا فشيئا ، إلى أن ينسلخ من قلبه إرادة التوبة بالكلية .
12 . أنه ينسلخ من القلب استقباحها فتصير له عادة ، فلا يستقبح من نفسه رؤية الناس له ولا كلامه فيه .
13 . أن كل معصية من المعاصي ، فهي ميراث عن أمة من الأمم التي أهلكها الله عز وجل ، فالعلو في الأرض والإفساد ميراث فرعون وقومه ، واللوطية ميراث قوم لوط ، وهكذ .
14 . أن المعصية سبب لهوان العبد على ربه وسقوطه من عينه ، قال الحسن البصري : هانوا عليه فعصوه ، ولو عزوا عليه لعصمهم ، وإذا هان العبد على الله لم يكرمه أحد ، قال الله تعالى في سورة الحج : { ومن يهن الله فماله من مكرم } .
15 . أن العبد لا يزال يرتكب الذنوب حتى تهون عليه وتصغر في قلبه ، وذلك علامة الهلاك .
16 . أن غيره من الناس والدواب يعود عليه شؤم ذنبه ، فيحترق هو وغيره بشؤم الذنوب والظلم .
17 . أن المعصية تورث الذل ، فإن العزّ كل العزّ في طاعة الله تعالى ، قال تعالى في سورة فاطر : { من كان يريد العزة فلله العزة جميعا } ، أي فليطلبها بطاعة الله فإنه لا يجدها إلا في طاعته ، قال الحسن البصري : فإن ذل المعصية لا يفارق قلوبهم أبى الله إلا أن يذل من عصاه .
18 . أن المعاصي تفسد العقل ، فإن للعقل نورا والمعصية تطفئ نور العقل .
19 . أن الذنوب إذا تكاثرت طبع على قلب صاحبها فكان من المغفلين ، كما قال تعالى في سورة المطففين : { كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون } .
20 . حرمان دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوة الملائكة ، فإن الله سبحانه أمر نبيه أن يستغفر للمؤمنين والمؤمنات .
21 . ذهاب الحياء الذي هو مادة الحياة للقلب ، وهو أصل كل خير ، وذهابه ذهاب كل خير بأجمعه ، وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ الحياء خير كله ] ، وقال : [ ومما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستحِ فصنع ما شئت ] .
22 . أنها تستدعي نيسان الله لعبده وتركه وتخليته بينه وبين نفسه وشيطانه ، وهنالك الهلاك الذي لا يرجى معه نجاة ، قال تعالى : { ياأيها الذين ءامنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون * ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون } .
23 . أنها تزيل النعم وتحل النقم ، فما زالت عن العبد نعمة إلا بسبب ذنب ، ولا حلت به نقمه إلا بذنب ، كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه :《 ما نزل بلاء إلا بذنب ، ولا رفع بلاء إلا بتوبة 》، وقد قال تعالى : { وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير } .
24 . أنها تصرف القلب عن صحته واستقامته إلى مرضه وانحرافه ، فلا يزال مريضا معلولا لا ينتفع بالأغذية التي بها حياته وصلاحه ، فإن تأثير الذنوب في القلوب كتأثير الأمراض في الأبدان .
فأين هذا من نعيم من يرقص قلبه طربا وفرحا وأنسا بربه واشتيقا إليه وارتياحا بحبه وطمأنينة بذكره ؟ .
🔸حتى يقول بعضهم : مساكين أهل الدنيا خرجوا منها وما ذاقوا لذيذ العيش فيها ، وما ذا قوا أطيب ما فيها .
🔸ويقول الآخر : لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيف .
🔸ويقول الآخر : إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة .
فيا من باع حظه الغالي بأبخس الثمن ، وغبن كل الغبن في هذا العقد وهو يرى أنه غبن ، إذا لم تكن لك خبرة بقيمة السلعة فاسأل المقومين ، فيا عجبا من بضاعة معك ، الله مشتريها ، وثمنها الجنة ، والسفير الذي جرى على يده عقد التبايع وضمن الثمن عن المشتري .
🔴 المصــــــ
عبدرزاق, [12.08.20 15:37]
ــــــــــدر /
****************
كـــــتاب الـــــداء والـــــدواء